نشأة ومراحل التطور الأولى للارصاد الجوية في اليمن
بدأ نشاط الأرصاد
الجوية في اليمن بالقيام بالرصدات الجوية لبعض عناصر الطقس في النصف الثاني من
القرن التاسع عشر الميلادي، فيما كان يعرف بمستعمرة عدن (جنوب اليمن) التي أحتلها
البريطانيون في 19 يناير من عام 1839م. وقد أتخذ من ميناءها الاستراتيجي قاعدة
رئيسية لحماية وتموين خطوط الملاحة البحرية القادمة من أوروبا والمتجهة إلى الهند
وشرق أفريقيا.
ومع قيام الحرب
العالمية الأولى برزت أهمية الأرصاد الجوية، فأنشأ المستعمر إدارة رئيسية للأرصاد
الجوية في عدن، والتي كانت تشكل القاعدة الرئيسية والمركزية لقواعده في الشرق
الأوسط والهند وشرق أفريقيا. وقد كان يقوم بأعمال الرصد الجوي أفراد من القوات
البريطانية، في ذلك الوقت. وفي عام 1945م بدأ المستعمر بتوظيف اليمنيين في مجال
الأرصاد الجوية، حيث كان عملهم محصوراً على قراءة وتسجيل قيم عناصر الطقس فقط، دون
معرفة علمية بها.
في عام 1945م أنشأ
البريطانيون مطار عدن الدولي والعسكري. وفي نفس العام، انتقلت إليه إدارة الأرصاد
الجوية وأنشأت فيه محطة للرصد الجوي السطحي والتي بدأ العمل فيها عام 1947م.
وقد أنشأت بعد ذلك، محطة لرصد طبقات الجو العليا، ومحطة للرصد الجوي السطحي في
مطار الريان والعديد من محطات الرصد في المطارات المدنية والعسكرية الأخرى، وفي
بعض المعسكرات التابعة للمستعمر.
أما ما كان يُعرف سابقًا
بـ "شمال اليمن" ، فيمكن تقسيم مراحل تطور الأرصاد الجوية فيه إلى مرحلتين
رئيسيتين. الأولى كانت قبل ثورة 26 سبتمبر 1962م، حيث تم عمل بعض الرصدات الجوية الأولى
في بداية الأربعينيات في ثلاث محطات رصد سطحية رئيسية في العاصمة صنعاء وتعز والحديدة.
في ذلك الوقت كانت تابعة للقوات المسلحة لتقديم خدمات الأرصاد الجوية للقوات الجوية.
كما تم عمل رصدات لبعض عناصر الطقس في فترات تنفيذ بعض المشاريع التنموية الحيوية بالدولة
من قبل جهات وشركات أجنبية.
أما المرحلة الثانية
بعد ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر، فقد بدأت الدولة الواقعة في كل من جنوب وشمال اليمن
بتولي مسؤولية الأرصاد الجوية. في الجنوب سُلمت مسؤولية الأرصاد الجوية لليمنيين عام
1967م، وتم إرسال الدفعة الأولى للخارج للتدريب والتأهيل في مجال التنبؤ ، وهم الطليعة
الرائدة التي أخذت على عاتقها كافة مسئولية الأرصاد الجوية بعد تخرجهم. لقد أستمر التدريب
الداخلي والخارجي حيث، كان تطوير وتوسيع شبكة محطات الأرصاد الجوية هدفاً في عهد الجمهورية.
فقد تم إنشاء محطات الأرصاد الجوية في كل من الريان وسيئون وعتق والغيضة. أما بالنسبة
للانضمام إلى المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO)
فكان في 28 يناير 1969م.
في عام 1984م تم
إنشاء المحطة الأرضية لاستقبال صور الأقمار الصناعية في مركز الأرصاد الجوية بمطار
عدن الدولي، والتي كانت تستقبل صور ‘WEFAX’
وصور البث المباشر التلقائي (APT).
في أوائل السبعينيات
في شمال اليمن، ازداد نشاط الأرصاد الجوية مع ازدياد نشاط الطيران المدني والعسكري،
وتبعاً لذلك ازدادت الحاجة إلى خدمات الأرصاد الجوية في معظم المطارات. فمن خلال برنامج
التطوير الثلاثي، والذ توجه نحو إنشاء كيان للأرصاد الجوية يخضع لسلطة الطيران المدني،
ممثلة بإدارة الأرصاد الجوية.
الجدير بالذكر أنه
في عام 1976م صدر القرار الوزاري رقم (54) لسنة 1976 بإنشاء هيئة الطيران المدني والأرصاد
الجوية (CAMA) الذي أعطى الأرصاد الصفة الهيكلية. وبناءً عليه، تم إنشاء الإدارة
العامة للأرصاد الجوية. أما بالنسبة للانضمام إلى المنظمة العالمية للأرصاد الجوية
(WMO) فكان في 8 يونيو 1971م.
في هذا العصر، شهدت
الأرصاد الجوية مستويات متتالية من التطور بمساعدة الأصدقاء والبلدان المجاورة، وكذلك
المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) في وضع اللبنات الأساسية لنشاط الأرصاد الجوية. فقد
تم إنشاء ثلاث محطات لرصد الطبقات العليا من الغلاف الجوي في كل من صنعاء وتعز والحديدة،
بالإضافة إلى محطة رادار لرصد عناصر الطقس وظاهره الجوية. وفي عام 1978م، تم إدخال
نظام جديد للاستشعار عن بعد من خلال إنشاء محطة جديدة لاستقبال صور الأقمار الصناعية
من "METEOSAT" الأوروبية و "NOAA"
الأمريكية لصور WEFAX وAPT.
في عام 1986م تم إنشاء
إدارة حاسوب جديدة لأرشفة وتحليل البيانات المناخية وإصدار التقارير المناخية السنوية.
شكل إدخال نظام الحوسبة للأرصاد الجوية نقلة نوعية ساعدت في تنمية الدولة اقتصاديا
وزراعا من خلال توفير معلومات دقيقة عن الطقس لجميع القطاعات العامة والخاصة والتي
كانت ضرورية لدراساتهم للتطوير والبحث العلمي، وغيرها من المشاريع الهامة.
بعد الوحدة اليمنية
المباركة في 22 مايو 1990 بدأ تطوير البنية التحتية للأرصاد الجوية في كيان موحد، بدءاً
من إنشاء المبنى الفني للأرصاد في العاصمة صنعاء، والذي تم تجهيزه بمنظومات الاتصالات
ومعالجة البيانات المناخية الرقمية. تلاه التوسع والتحديث للشبكة الوطنية لمحطات الأرصاد
الجوية لمختلف الأغراض، وكذلك تحديث جميع مرافق البنية التحتية للأرصاد الجوية، وبناء
القدرات محليا وخارجيا على مراحل متتالية، مواكبة للتطور العالمي في تكنولوجيا المنظومات
الرقمية للأرصاد الجوية.